تخطى إلى المحتوى

عقد الاستثمار في القانون الكويتي

عقد الاستثمار في القانون الكويتي (1)

قد يواجه المستثمر عند دخوله السوق تحديات تبدأ من توقيع عقد استثمار يحدد حقوقه والتزاماته. في إحدى الحالات، أنقذ تدخل محامٍ خبير مستثمرًا من بنود مُقيّدة عبر إعادة صياغتها بما يحمي رأس المال ويضمن المزايا القانونية. وهكذا يتضح أن عقد الاستثمار في القانون الكويتي أداة لحماية المشاريع وتعزيز نجاحها.

وفي مقال اليوم سنستعرض مفهوم هذا العقد وأهميته ودور المحامي في صياغته وتوثيقه.

يمكنك التواصل مع محامي بالكويت عبر الأرقام في صفحة اتصل بنا، أو عبر زر الواتس اب.

ما هو عقد الاستثمار في القانون الكويتي؟

عقد الاستثمار في القانون الكويتي هو اتفاق ملزم بين مستثمر (محلي أو أجنبي) وجهة أخرى، يهدف إلى توظيف رأس المال في مشروع محدد مقابل عائد مالي أو مزايا متفق عليها، إذ يخضع في تكوينه وضوابطه العامة لأحكام القانون المدني الكويتي رقم 67 لسنة 1980.

نطاق الاستخدام

  • في المشروعات الكبرى: مثل إنشاء مصانع أو تطوير مشاريع عقارية أو خدمية.
  • في الاستثمارات المشتركة: كالمشاريع بين القطاعين العام والخاص.
  • في التوسعات التجارية: عندما يرغب المستثمر في إضافة نشاط جديد لرأسماله.

الأساس القانوني لعقد الاستثمار

يندرج عقد الاستثمار ضمن القواعد العامة للعقود في القانون المدني الكويتي، والذي حدّد أركان العقد وشروط صحته:

  • تكوين العقد: يتم بالتراضي بين طرفين أهلين للتعاقد، على محل مشروع، وبسبب مشروع (المواد 39–106 مدني).
  • الأهلية: يجب أن يكون الطرفان متمتعين بالأهلية القانونية الكاملة، وإلا كان العقد قابلاً للإبطال.
  • الرضا: يشترط خلو الرضا من عيوب مثل الغلط أو الإكراه أو التدليس، وإلا كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال.
  • البطلان/القابلية للإبطال: إذا تخلف ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته، يُمكن للمحكمة إبطاله أو إلغاؤه حمايةً لأطرافه.

متى يصبح عقد الاستثمار خاضعًا لترخيص

يخضع عقد الاستثمار في القانون الكويتي إلى الترخيص الإلزامي عندما يتجاوز نطاقه مجرد علاقة تعاقدية بين الأفراد، ويدخل في دائرة الأنشطة الاقتصادية المنظمة. ويكون الترخيص شرطًا لازمًا في الحالات التالية:

  • الأنشطة الخاضعة لقانون الاستثمار المباشر: إذا تضمن العقد مشروعًا يدار برأسمال محلي أو أجنبي داخل الكويت، فإنه يحتاج إلى ترخيص من الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA) التي تمنح التسهيلات والإعفاءات.
  • المشاريع التجارية والصناعية: مثل إنشاء مصنع، فتح فرع لشركة أجنبية، أو إقامة مشروع بنية تحتية، حيث يشترط الحصول على ترخيص من وزارة التجارة والصناعة وإدراج النشاط في السجل التجاري.
  • الأنشطة المقيدة أو ذات الطابع الخاص: كالمصارف، شركات الاستثمار، والأنشطة المهنية التي لا يجوز ممارستها دون ترخيص خاص من الجهة الرقابية المختصة (مثل بنك الكويت المركزي للشركات المالية).

وبالتالي، فإن الترخيص لا يُعد إجراءً شكليًا فقط، بل هو وسيلة قانونية لضمان مشروعية الاستثمار والتأكد من توافقه مع القوانين الكويتية ذات الصلة.

الاستثمار المباشر وترخيص KDIPA

عندما يكون عقد الاستثمار في القانون الكويتي مرتبطًا بدخول رأس مال أجنبي أو تأسيس كيان اقتصادي جديد، فإنه يخضع لترخيص من الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA). ويترتب على هذا الترخيص ما يلي:

  1. إنشاء كيان استثماري معتمد: المستثمر الأجنبي أو المحلي يحصل على ترخيص لتأسيس كيان استثماري جديد يتمتع بالشخصية القانونية المستقلة والمسجل لدى الجهات المختصة.
  2. الاستفادة من الحوافز: يشمل ذلك الإعفاء من ضريبة الدخل لمدة تصل إلى 10 سنوات، إعفاء جمركي على المعدات والمواد الأولية، وتسهيلات في تخصيص الأراضي للمشاريع الصناعية والتجارية.
  3. ملكية أجنبية كاملة: يتيح القانون للمستثمر الأجنبي تملك المشروع بنسبة تصل إلى 100%، ما يمنحه حرية أكبر في إدارة نشاطه دون الحاجة إلى شريك محلي.
  4. خدمة النافذة الواحدة (One Stop Shop): لتقليل البيروقراطية، تتولى KDIPA التنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية نيابةً عن المستثمر، مما يختصر الوقت والإجراءات.

عقد الاستثمار كنظام استثمار جماعي أو أوراق مالية

قد يتجاوز عقد الاستثمار مجرد كونه اتفاقًا ثنائيًا بين مستثمر وجهة منفذة، ليصبح خاضعًا لرقابة هيئة أسواق المال (CMA) متى انطبق عليه وصف نظام استثمار جماعي أو تعامل بأوراق مالية وفقًا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية.

ويحدث ذلك في الحالات الآتية:

  • عروض عوائد دورية لمستثمرين سلبيين: عندما يُطرح العقد على مجموعة من الأفراد بهدف جمع أموالهم مقابل وعود بعوائد دورية دون تدخل مباشر منهم في الإدارة.
  • صندوق أو محفظة استثمارية: إذا نُظّم الاستثمار في شكل صندوق أو محفظة مالية جماعية تُدار من طرف مرخص.
  • تسويق وحدات استثمارية: عندما يتم الترويج لوحدات أو حصص للمستثمرين، وهو ما يندرج ضمن تعريف الأوراق المالية.

وفقًا للمادة (2) من القانون 7/2010، فإن نظام الاستثمار الجماعي هو كل ترتيب يهدف إلى تجميع أموال من مستثمرين لا يتدخلون في الإدارة اليومية، مقابل منحهم حقوقًا أو وحدات استثمار، مما يستوجب الحصول على ترخيص مسبق من هيئة أسواق المال وإخضاع العقد لضوابط الإفصاح والشفافية.

أنواع عقود الاستثمار في الكويت

تتنوع صيغ عقد الاستثمار بحسب طبيعة النشاط والأطراف المشاركة، ولكل نوع خصائص قانونية مختلفة يجب الانتباه إليها. وفيما يلي أبرز الأنواع المنتشرة:

  • عقد الاستثمار المباشر: يبرمه المستثمر المحلي أو الأجنبي مع جهة حكومية أو خاصة لإنشاء مشروع إنتاجي أو خدمي، وغالبًا ما يتطلب ترخيصًا من الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA).
  • عقد الشراكة: يهدف إلى مشاركة طرفين أو أكثر في مشروع محدد، مع توزيع الأرباح والخسائر وفقًا للاتفاق، ويخضع لقانون الشركات رقم 1 لسنة 2016.
  • عقد الامتياز: يسمح لمستثمر باستخدام علامة تجارية أو نموذج أعمال مقابل رسوم أو نسبة من الأرباح، ويُوثق في السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة.
  • عقد إدارة الاستثمار: غالبًا ما يُدار من شركات مرخصة من هيئة أسواق المال، ويُستخدم لإدارة محافظ العملاء مقابل أتعاب أو نسبة من العوائد.
  • عقد الوكالة الاستثمارية: يفوض المستثمر محاميًا أو شركةً لإدارة استثماراته أو التفاوض باسمه، ويخضع للقواعد العامة في القانون المدني.

استثمار رخصة/مشروع قائم

إلى جانب تأسيس المشاريع الجديدة، يتيح عقد الاستثمار صيغة خاصة للاستثمار في رخصة أو مشروع قائم. في هذا النوع من العقود، يتفق مالك النشاط (كصاحب مطعم، شركة، أو مصنع) مع مستثمر آخر على أن يتولى الأخير إدارة وتشغيل المشروع مقابل نسبة محددة من الأرباح أو الإيرادات.

هذه الصيغة شائعة في السوق المحلي لأنها:

  • تمكّن المستثمر من دخول نشاط جاهز دون الحاجة إلى تأسيس كيان جديد.
  • تمنح صاحب المشروع القائم فرصة لتوسيع أعماله أو تحسين الإدارة دون التخلي عن الملكية.
  • تخضع للقواعد العامة للعقود وفق القانون المدني رقم 67 لسنة 1980، مع ضرورة تسجيل أي تعديلات في السجل التجاري إذا ترتب على العقد تغيير في طبيعة النشاط أو الإدارة الرسمية.

شراكة صامتة/حساب مشترك

من صور عقد الاستثمار ما يُعرف بـ الشراكة الصامتة أو الاستثمار عبر حساب مشترك. في هذا النوع، يقدّم المستثمر رأس المال بينما يظل بعيدًا عن الإدارة اليومية للمشروع، ويتولى الشريك الظاهر أو مدير الحساب إدارة النشاط باسمه.

التزامات الإدارة:

  • يلتزم المدير بإدارة المشروع بحسن نية وفقًا للقانون المدني رقم 67 لسنة 1980.
  • يجب عليه مسك حسابات منتظمة وتقديم تقارير دورية عن الأرباح والخسائر.
  • لا يجوز له التصرف خارج نطاق العقد إلا بموافقة المستثمر.

الضمانات المقررة للمستثمر:

  • قصر المخاطر على حدود المبلغ المستثمر، ما لم يثبت وجود غش أو إساءة استخدام.
  • الحق في الاطلاع على السجلات المالية للتأكد من نزاهة الإدارة.
  • إمكانية اشتراط بنود جزائية أو ضمانات شخصية لحماية رأس المال.

هذه الشراكة تُستخدم عادةً في الأنشطة التجارية الصغيرة أو المتوسطة، حيث يبحث المستثمر عن عائد ثابت أو نسبي دون التورط في الإدارة اليومية.

مساهمة بشروط خاصة أو اتفاق حملة حصص/مساهمين

من بين صيغ عقود الاستثمار أن يشارك المستثمر في شركة قائمة أو تحت التأسيس عبر مساهمة مالية مقابل حصص أو أسهم، مع إبرام اتفاق خاص بين حملة الحصص أو المساهمين لتحديد الحقوق والالتزامات بصورة أكثر تفصيلًا.

أهم الملامح القانونية وفق قانون الشركات رقم 1 لسنة 2016:

  • يجوز للمستثمر الدخول كشريك أو مساهم عبر شراء حصص أو أسهم في الشركة.
  • يمكن إبرام اتفاق حملة حصص/مساهمين (Shareholders Agreement) يتضمن شروطًا إضافية مثل:
  1. نسب التصويت في الجمعية العمومية.
  2. حق الشفعة أو أولوية الشراء عند التنازل عن الحصص.
  3. تنظيم آلية توزيع الأرباح بما يتفق عليه الشركاء.
  4. وضع قيود على نقل الملكية لضمان استقرار الشراكة.
  • يُعد هذا الاتفاق مكمّلًا لعقد التأسيس الأساسي للشركة، لكنه لا يتعارض مع أحكام القانون أو النظام الأساسي المسجل رسميًا.

بنود عقد الاستثمار

عند صياغة عقد الاستثمار في القانون الكويتي، هناك مجموعة من البنود الجوهرية التي تُعدّ حجر الأساس لحماية أطراف العقد وضمان استمرارية المشروع. هذه البنود تستند في معظمها إلى أحكام القانون المدني بشأن صحة العقود وشروطها، بينما تخضع بعض البنود ذات الطابع المالي والحوكمي لاشتراطات هيئة أسواق المال (CMA).

أبرز البنود التي لا غنى عنها:

  1. النطاق والمدة: تحديد طبيعة الاستثمار ومدته، وإلا كان العقد عرضة للنزاع أو الفسخ (القانون المدني).
  2. رأس المال وآلية الإيداع: النص على مقدار رأس المال وكيفية سداده أو إيداعه في حساب مصرفي مخصص.
  3. العوائد وطريقة احتسابها: بيان نسب العائد وتوقيت صرفه، بما يمنع الغموض والالتباس.
  4. التقارير والحوكمة: التزام المدير أو الشريك بتقديم تقارير مالية دورية، وفي حال وجود أدوات مالية أو محافظ استثمارية يخضع ذلك لمتطلبات الشفافية والإفصاح المنصوص عليها من هيئة أسواق المال.
  5. حقوق الرقابة والتدقيق: منح المستثمر الحق في الاطلاع على السجلات أو تعيين مدقق حسابات مستقل.
  6. شرط عدم المنافسة: منع أحد الأطراف من إنشاء نشاط مماثل يضر بالاستثمار طوال مدة العقد.
  7. السرية: حماية المعلومات الفنية والتجارية من الإفشاء غير المشروع.
  8. القوة القاهرة: معالجة الظروف الطارئة أو الاستثنائية التي تعيق التنفيذ دون خطأ من الأطراف.
  9. الإنهاء أو الفسخ: تنظيم حالات الفسخ أو الإنهاء المبكر وآثارها على الأطراف.
  10. تسوية المنازعات: النص على الجهة المختصة سواء محاكم الكويت أو التحكيم وفقًا للقواعد المعتمدة.

خطوات قبل توقيع عقد الاستثمار

قبل إبرام عقد الاستثمار، من الضروري اتباع خطوات عملية تضمن سلامة الاتفاق وحماية الأطراف من المخاطر المستقبلية. وتشمل هذه الخطوات ما يلي:

  • فحص الترخيص الملائم:
  1. إذا كان الاستثمار مباشرًا برأس مال أجنبي أو محلي كبير، يجب الحصول على موافقة الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA).
  2. في حال تأسيس أو تعديل شركة، يتم الرجوع إلى وزارة التجارة والصناعة لتسجيل الشركة وقيد النشاط في السجل التجاري.
  3. إذا كان العقد يدخل في نطاق نظام استثمار جماعي أو أوراق مالية، فإن الترخيص يصدر من هيئة أسواق المال (CMA).
  • فحص العناية الواجبة: التحقق من الوضع القانوني والمالي للطرف الآخر، مراجعة الرخصة التجارية، العقود القائمة، والمركز المالي.
  • صياغة ملحق المخاطر: إدراج ملحق يوضح المخاطر المحتملة (تقلبات السوق، التزامات التمويل، مخاطر تشغيلية) والتدابير المتفق عليها لتقليلها.
  • اعتماد الحوكمة: وضع آليات للرقابة الداخلية، والتقارير الدورية، وتعيين مدقق حسابات مستقل عند الحاجة، خصوصًا إذا كان العقد يتضمن أدوات مالية خاضعة لمتطلبات CMA.
  • اختيار الاختصاص أو التحكيم: تحديد ما إذا كانت المنازعات تُحال إلى محاكم الكويت أو إلى التحكيم (محلي أو دولي)، مع بيان القواعد الإجرائية المطبقة.

دور المحامي في عقد الاستثمار

قبل الإقدام على توقيع عقد الاستثمار، يظل وجود محامٍ مختص عنصرًا أساسيًا لحماية مصالح الأطراف وضمان التوافق مع القوانين.

  • الفحص القانوني: يقوم المحامي بمراجعة الترخيص والنشاط التجاري والتأكد من توافق العقد مع القوانين مثل القانون المدني وقانون الشركات.
  • الصياغة الدقيقة: يحرر بنود عقد الاستثمار في القانون الكويتي بشكل واضح لتجنب الغموض أو النزاعات المستقبلية، مع تضمين شروط جوهرية مثل السرية وعدم المنافسة.
  • إدارة المخاطر: يساعد في إعداد ملحق المخاطر، وتحديد الضمانات القانونية، ووضع آليات لحماية رأس المال.
  • التوثيق والإجراءات الرسمية: يتولى المحامي تسجيل العقد أو توثيقه لدى وزارة العدل أو وزارة التجارة عند الحاجة، والتنسيق مع KDIPA أو CMA إذا كان الاستثمار يتطلب ترخيصًا خاصًا.
  • التمثيل القانوني: في حال وقوع نزاع، يتولى المحامي الدفاع عن موكله أمام محاكم الكويت أو اللجوء إلى التحكيم المحلي والدولي.

الأسئلة الشائعة

لا يوجد مدة محددة لعقد الاستثمار، فقد تكون بضعة أشهر وقد تصل إلى عدة سنوات، وذلك بحسب ما يتفق عليه الأطراف.
البنود الأساسية في عقد الاستثمار هي النطاق والمدة، رأس المال وآلية الإيداع، طريقة احتساب العوائد، التقارير والحوكمة، حقوق الرقابة، السرية، القوة القاهرة، وآلية تسوية النزاعات.

وبهذا نصل إلى ختام مقالنا حول عقد الاستثمار في القانون الكويتي، حيث قمنا بتوضيح أنواعه وأبرز بنوده الجوهرية، ودور المحامي في صياغته وحماية الأطراف.

يبقى الاستعانة بمكتب محامي في الكويت ضرورة لضمان صياغة عقد متكامل يحمي حقوقك ويؤمن مشروعك وفق القوانين الكويتية.

اقرأ المزيد عن: عقد المشروعات الصغيرة فى الكويت، وأنواع العقود التجارية في الكويت.

اطلب استشارة قانونية